تصريحات غريبة صدرت مؤخرا من مسئولين إيرانيين اعتبروا فيها أن البحرين جزء من إيران!.. هكذا تداولت الصحف هذا الخبر واحتجت البحرين ونفت إيران ورفضت السعودية.
والواقع أن إثارة مثل هذه التصريحات الآن تثير الكثير من الأسئلة.. فإيران حققت شعبية كبيرة جدا في الدول العربية وصار أحمدي نجاد يراه البعض -وهم كثيرون- على أنه بطل ونموذج لكيف يكون القائد.. صاروا يرون فيه أملا في هزيمة إسرائيل وفي وحدة الأمة الإسلامية، في الوقت الذي يراه فيه البعض الآخر خطرا على الدول العربية وهو الأمر الذي قابلته إيران بتطمين جيرانها من الدول العربية.. لتأتي التصريحات الأخيرة وتناقض هذا الاطمئنان وتفتح بابا لتساؤل جديد عن سر التوقيت.
وكان "علي أكبر ناطق نوري"، رئيس التفتيش العام في مكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس الأسبق لمجلس الشورى في إيران، قد أصدر تصريحات تشير إلى تبعية البحرين لإيران، واصفا إياها بأنها كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وأنه كان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني.
ما حققته إيران من تقدم وما حققه نجاد من شعبية يشبه إلى حد كبير حال العراق أيام صدام حسين، وقتها في أواخر الثمانينيات وبعد انتصار العراق على إيران كانت شعبية صدام كبيرة وكان مزهوا بجيشه الذي خاض حربا استمرت نحو تسع سنوات وانتصر.. وكان في الوقت نفسه يحرص على تطمين جيرانه من الدول العربية التي ناصرته في حربه ضد إيران.
كل هذا دفع بصدام إلى تجاوز حدود العقل وقام بغزو الكويت في الثاني من أغسطس 1990 معلنا إياها المحافظة العراقية التاسعة عشرة.. حاولت وقتها الدول العربية وكثير من الدول الأخرى أن تجعله يتراجع عن فعلته لكنه كان واثقا مزهوا ولم يتراجع وكان ما كان بعدها، وبدأت عملية عاصفة الصحراء التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ثم فرض عقوبات اقتصادية وحصار على العراق قبل أن تبدأ أمريكا حربها على الإرهاب ويتم غزو العراق بالكامل عام 2003 ثم يسقط صدام ويتم إعدامه على الملأ.
هكذا كانت نهاية حدوتة المحافظة التاسعة عشرة، والتي تتشابه في بدايتها مع الحدوتة الجديدة للمحافظة الرابعة عشرة.. لكن الأمر هنا يبدو مختلفا في بعض الأشياء فصدام حين هاجم الكويت فعل هذا بعد تلقيه إشارة من الولايات المتحدة بأنها لن تتدخل، صحيح أنها تدخلت بعدها لكن صدام لم يستطع حساب الأمور جيدا واعتمد على تلك الإشارة الضمنية، أما في حال إيران فالظروف الدولية كلها لا تعطي أي إشارات بل إن أمريكا وإسرائيل تنتظران أية فرصة تبرر التدخل في إيران.
صدام رفض التراجع عندما نصحوه بذلك، لكن إيران نفت أن تكون لها مطالب تمس سيادة البحرين.. كل هذا يوحي بأن نهاية الحدوتة ربما تكون مختلفة لكن طموح صدام وزهوه يتشابه كثيرا مع طموح نجاد وزهوه، فهل يحسبها نجاد جيدا ويتعقل أم يسقط في الفخ ويلغي حسابات العقل ويصبح صدام حسين جديدا؟!