هل تتأثر مصر بالأزمة الاقتصادية العالمية؟ طبعا.. لكن إزاي؟!

هل ستتأثر مصر بالأزمة الاقتصادية العالمية؟ سؤال تردد كثيرا منذ بداية ظهور الأزمة في أواخر العام الماضي وحتى يومنا هذا, ولكن بالرغم من تكراره إلا أننا لم نحصل على إجابات واضحة ومحددة في هذا الشأن, ففي الوقت الذي يؤكد فيه أساتذة الاقتصاد وخبراء القطاع المصرفي بحتمية تأثر الاقتصاد المصري بالأزمة العالمية وانخفاض معدل تحويلات المصريين بالخارج, وانخفاض عائدات الاستثمارات الأجنبية نتيجة حالة الركود العالمي, إلا أن وزراء المجموعة الاقتصادية يؤكدون دوما بمحدودية هذا التأثير واقتصاره فقط على انخفاض طفيف لمعدل النمو بمعدل 2% وانحصار التأثير في قطاع السياحة وعائدات قناة السويس خاصة بعد لجوء الدولة لضخ 15 مليار لمواجهة الأزمة, وما بين هذا وذاك بدأت العديد من المصانع تتجه إلى تسريح بعض العاملين فيها خاصة من يعملون بعقود مؤقتة, كما بدا ذلك واضحا في تقدم 6 مصانع بشكاوى إلى غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات بسبب تضررهم من الأزمة العالمية.

الدكتور "مصطفى السعيد" وزير الاقتصاد السابق ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب, يقول لـ"بص وطل" إن مصر تأثرت بالأزمة العالمية من جانبين، الأول تأثر القطاع المالي وهو ما بدا واضحا في قطاع البورصة دون غيره من القطاعات ويرجع السبب في ذلك لاتباع البنك المركزي في السنوات الأخيرة لسياسة إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتقييمه على أسس وقواعد علمية بالشكل الذي يضمن تثبيت سعر الصرف وعدم تغير قيمة الجنيه والتحكم في التضخم وارتفاع الأسعار, أما الجانب الثاني وهو التأثر العيني للاقتصاد ويرجع ذلك إلى قلة إيرادات قناة السويس وتراجع أشغال السياحة خلال الشهرين الماضيين بالإضافة إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي وتراجع تحويلات المصريين بالخارج, وتوقع "السعيد" ألا يزيد معدل النمو خلال العام الحالي عن 5% بعدما كان قد تعدى حاجز الـ7%.

فيما أكد الخبير الاقتصادي "أحمد السيد النجار" رئيس تحرير التقرير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, أن مصر تأثرت حتما بالأزمة الاقتصادية ومن يقول خلاف ذلك فهو واهم, مشيرا إلى أن عائدات قناة السويس من القطاعات الرئيسية التي ستتأثر بالأزمة فبعدما كانت القناة تحقق إيرادات وصلت في بعض الأحيان إلى 6 مليار دولار فإن هذه الإيرادات سوف تتراجع بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة نتيجة حالة الركود العالمي.

وأضاف النجار أن سيطرة رأس المال على الحكم ساهمت بشكل واضح في التأثير على الاقتصاد وجعله أكثر هشاشة في مواجهة التأثيرات السلبية القادمة من البلدان التي ضربتها الأزمة المالية الاقتصادية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

من جانبه أكد "حمادة القليوبي" رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات أن المصانع الصغيرة ستكون هي المتأثر الأكبر بالأزمة الاقتصادية؛ وذلك لعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات المالية تجاه العاملين فيها ولجوئها للتعامل بنظام الأجر الأساسي مع العاملين بها, وأشار "القليوبي" إلى أن الاقتراح المقدم حاليا من قبل بعض الشركات للتعامل مع الأزمة هو تخفيض نسبة التأمينات الاجتماعية إلى 15% على أن يتحمل صاحب العمل نسبة 10% والعامل نسبة 5% وذلك بدلا عن النسبة الحالية وهي 40% يتحمل صاحب العمل نسبة 26% والعامل نسبة 14% لافتا إلى أن بعض الغرف باتحاد الصناعات تقدمت باقتراحات لتخفيض نسبة التأمينات الاجتماعية لكن إلى نسب مختلفة جميعها لم تتعدَّ 25%.

فيما رأى "عبد المنعم الجمل" عضو النقابة العامة للبناء والأخشاب أن شركات الأخشاب لم تظهر عليها بوادر تسريح العمالة بالرغم من تأثر قطاع شركات المقاولات بالأزمة, وذلك لأن حالة التأثر لا تظهر إلا عندما يتوقف مشروع بالكامل, ودلل على ذلك بما حدث بمشروع مدينتي المملوك لرجل الأعمال "هشام طلعت مصطفى" حيث تم تسريح حوالي 300 عامل بعد الأزمة بسبعة أشهر, وأضاف "الجمل" أن شركات الإسكان التي طرحت وحدات سكنية للبيع الفترة الماضية لم يتم بيعها في المقطم و6 أكتوبر والمعراج وبعض المدن الجديدة, كما انخفضت حركة البيع بنسبة تصل إلى 80% ولم يعد يوجد في الجرائد طرح لأعمال جديدة لشركات المقاولات التي تخشى الدخول في عمليات جديدة, حتى مشروعات البنية الأساسية التي تعلن عنها الحكومة, ولهذا فالتخوف مع منتصف عام 2009 أو نهايته أن تتوقف أنشطة هذه الشركات التي تضم 21 شركة قطاع أعمال عام وحوالي 70 شركة قطاع خاص يعمل بها حوالي 800 ألف عامل.

.